قامة علمية وسياسية تأبى الأفول
حينما يستدعى الحكماء والساسة الذين أسسوا أول مدارس للفقه الديمقراطي صاحبه آنذاك إقرار في التعددية السياسية والإعلامية ليتحدثوا في الفعل السياسي فأعلم أن السياسة اتخذت ظهيرا ثقافيا وفكرياً لها ساهم في البحث عن حلول للأزمات المستعصية على من يمتهنون السياسية من البيروقراطيات الحزبية التى ميعت المشهد السياسي بإدخالها مفاهيم تتنافى وقيم المجتمع الموريتاني
فيتبادر إلى الأذهان اسم الشخصية المحورية معالي الوزير المهندس يحي ولد حدمين
لم يكن المهندس ولد حدمين يوما طامعا بمنصب رغم ما تقلده في كافة المجالات ولم يكن أيضا ممن أغرتهم أو استهوتهم المناصب ليستغلوها أو ليتجاوزوا بها أي حدود أخلاقية قبل أن تكون قانونية فتاريخ الرجل ناصعا لم يرافقه طيلة مسيرته أية شوائب من أدران السياسة .
فالرجل له دراسة علمية انبثقت من تجربة استمرت لعقود تجربة ثرية تشرق بالتعمق وتثريها القراءات التحليلية التي لا تخطىء مستنيرا ومستعينا بفقه المجتمع قديما وحديثا المعزز بالشواهد
التى هي وليدة الاحتكاك بالجميع فقد سبر أغوار السياسة والاقتصاد والاجتماع وفي جميع العلوم وتبحر في غالبية المرجعيات ووقف على أصغر جزئياتها من ناصرية وقومية وعلمانية ليتمكن من التعامل مع أصحاب هذه الاديولوجيات التي كانت تغذيها المراهقة الفكرية وكان حذرا في تعامله مع ذلك الفكر وتلك الثقافة المستهلكة من أجل أن يتمكن من معانقة الحلول انطلاقاً من تركيبة جيوسياسية والتقافية للمجتمع الموريتاني والذي تميز به عن رفقاء دربه من الرعيل السياسي في ذلك الوقت فهو كان يتطلع دائما بأن تكون الأحزاب السياسية مدرسة يستظل بظلالها وعملية اتصالية ناجحة حيث يكون المرسل فيها مستقبلا والمستقبل مرسلا كالأحزاب وقواعدها الشعبية التى تكونها والمواطنة وقيمتها الأخلاقية والإنسانية والديمقراطية ومرتكزاتها ، والحرية وأسسها والفساد ونتائجه السلبية فشخصية المهندس يحي ولد حدمين ودماثة أخلاقه لا يمكن أن ينكرهما إلا مكابر أو جاحد بتاريخ الرجل وعلى الرغم من معرفته الجيدة بالمشهد السياسي ظل يراقب الوضع عن كثب دون أن ينحرف متجها إلى ما يخدم الشأن العام أو يشارك في تعطيل وعرقلة الوفاق الوطني محافظا بذلك على وحدة وانسجام مكونات هذا الشعب وبعد رحلته في ربوع البحث و التحليل السياسي وقدرته على فهم نوعية الخطاب السياسي في بلادنا ومدى ملائمته مع الواقع المعاش وفي آخر منعطف تيقنت القيادة السياسية في البلد بأن تعيد النظر في معاملتها لساسة طالما أنتجوا أفكارا لهذا الوطن أو على الأقل إعادة تحديث تلك النظرة وما يتماشى مع مقام الرجل وتاريخه