المهندس الداه ولد ابراهيم ولد اباه: نقاء المعدن وصفاء الروح

عرفتُ المهندس الداه ولد ابراهيم ولد اباه من بوابة السياسة، حيث تلتقي الطموحات وتتشابك المسارات، وحيث يختبر المرء معادن الرجال في أحلك الظروف وأكثرها تعقيدًا. وما أن عرفته حتى أدركت أنني أمام شابٍ ليس كغيره، شابٍ جمع بين نبل الأخلاق ورجاحة العقل، وبين البساطة والرصانة، فكان نعم الرفيق ونِعْمَ السند.
لم يكن الداه من أولئك الذين تغيرهم المناصب أو يبدلهم الاقتراب من دوائر النفوذ، بل ظلّ كما عهدته منذ أول لقاء: بشوش الوجه، طليق اللسان، نقي السريرة، يفيض تواضعًا وسماحة. تدخل عليه في أوقات الضيق، فتجد عنده من السكينة ما يبعث في النفس الطمأنينة، ومن البساطة ما يقرّب البعيد ويزيل الحواجز.
رغم صعوبة الطريق وتعقيدات الواقع السياسي، ظلّ الداه محافظًا على خطه الواضح: نظيف اليد، سليم القلب، لا يخوض في اللغو، ولا ينساق خلف الأهواء. اجتهد في عمله الهندسي كما اجتهد في خدمته للناس، لا يُفرّق بين قريب وبعيد، ولا يعرف إلى الكبر سبيلًا.
فيه من خصال الرجولة ما يجعل المرء يقف له احترامًا: وفاءٌ للرفاق، إخلاصٌ في المواقف، ثباتٌ عند المبادئ، وحكمةٌ في المشورة. تجده حاضرًا حيث يحتاجه الناس، ولا يطلب جزاءً ولا شكورًا، وكأن العمل العام بالنسبة له رسالة لا مصلحة، وواجب لا امتياز.
وما يلفت النظر أكثر في هذا الشاب، هو أنه رغم كل ما بلغه من احترام وتقدير، ورغم كل ما له من مكانة بين أقرانه، لم يزده ذلك إلا تواضعًا وتعلقًا بالناس وهمومهم. لا تكاد تراه إلا محاطًا بالمحبين، يقدّرونه لما فيه من صدق وصفاء، ولما يحمله من روح متصالحة مع الذات والآخر.
إن الحديث عن الداه ولد ابراهيم ولد اباه ليس مجرد سرد لسيرة شاب ناجح، بل هو إشادة بمثال يُحتذى به في زمنٍ عزّت فيه النماذج الصادقة. وإذا كانت الأيام تكشف معادن الرجال، فإن الداه قد أثبت أنه من أندر المعادن وأنقاها، ومن أولئك الذين يتركون في القلب أثرًا، وفي الذاكرة طيفًا لا يُنسى.
فطوبى لنا بمعرفته، وطوبى لمجتمعه به، وطوبى لمستقبلٍ يحمل فيه أمثال الداه لواء الإصلاح والخدمة العامة بروح المحبة والتفاني.