الكيان في قفص الاتهام بلاهاي
بعد عقود من الاحتلال والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني وبعد قرابة 100 يوم من العدوان على قطاع غزة، يمثل الكيان الصهيوني اليوم للمرة الأولى منذ احتلاله الأراضي الفلسطينية عام 1948 أمام محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي بهولندا، بصفته متّهما بارتكاب إبادة جماعية في حق الفلسطينيين في القطاع استنادا إلى دعوى تقدمت بها جنوب إفريقيا.
وتبدأ محكمة العدل الدولية اليوم أولى الجلسات المتعلقة بهذه القضية، إذ سيقدّم محامو جنوب إفريقيا مطالعتهم التي تتضمّن هذه الأدلة، مقرونة بتصريحات أكثر من 200 مسؤول صهيوني من المستويين السياسي والعسكري.
وتثبت هذه التصريحات نية هؤلاء المسؤولين ارتكاب الجرائم والإبادة الجماعية والقضاء على الفلسطينيين في غزة، إضافة إلى طردهم وقتلهم وتدمير منازلهم وقطع سبل الحياة عنهم.
وسيتعيّن على المحكمة اتخاذ “قرارات فورية” في حال قررت الأخذ بكل الأدلة والبراهين لجنوب إفريقيا بعين الاعتبار، فصفة الجلسة الطارئة للمحكمة تعني أنه يجب اتخاذ قرار سريع.
وقد يتضمّن القرار وقف الحرب على غزة ووقف تهجير الفلسطينيين والدمار وإدخال المساعدات الغذائية والطبية بصورة فورية وإعادة الكهرباء ورفع الحصار عن القطاع.
وإضافة إلى أهمية جلسة اليوم نظرا لكونها المرة الأولى التي يخضع فيها الاحتلال للمساءلة، هي أساسية أيضا لأنها قد تكون مقدمة مهمة لما يواجهه الكيان أمام محكمة الجنايات الدولية أيضا.
ويعني ذلك أن المحامين الـ300 الذين تقدّموا قبل أكثر من شهر بدعوى إبادة ضد “إسرائيل” أمام محكمة الجنايات الدولية سيستندون إلى القرار الذي ستتخذه محكمة العدل الدولية من أجل تسمية الأشخاص هناك وملاحقة أولئك المسؤولين عن الإبادة الجماعية.
وقال خبراء القانون الدولي إن ممثلي جنوب إفريقيا أمام المحكمة يضم نخبة من خيرة المحامين.
ونقلت صحيفة “تايمز لايف” الجنوب إفريقية عن باتريك كاديما، أستاذ القانون الدولي بجامعة ويتس، قوله إنه “فريق من الدرجة الأولى” يضم محامين يتمتعون ببراعة فردية خاصة بهم، ما يجعل القضية أكثر إثارة للاهتمام ويشير إلى جدية حكومة جنوب إفريقيا في مواجهة الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية. “يتكون فريق المحامين الكبار من محامين بارعين، وقد عمل بعضهم في مسائل معقدة تتعلق بالقانون الدولي. على سبيل المثال، يعتبر معظمنا أن البروفيسور دوغارد هو أبو القانون الدولي في جنوب إفريقيا. لقد ساهم على نطاق واسع في هذا المجال في الداخل والخارج ويمكنني أن أقول بجرأة إن مساهمته لا تقدر بثمن. إن تأثيره، سواء في الأكاديمية أو في المنظمات الدولية، يتحدث عن نفسه”، يضيف كاديما.
وذكر الفريق في دعواه أن الحملة العسكرية الصهيونية في غزة تنتهك التزامات الكيان بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
من جهته، قال المحامي الدولي في مجال حقوق الإنسان، فرانسيس بويل، إنه مؤمن بفوز جنوب إفريقيا في هذه القضية، مضيفا في تصريحات صحفية: “يذكرني هذا الملف بالقضية التي فزت بها في المحكمة الدولية لجمهورية البوسنة والهرسك ضد يوغسلافيا لوقف ارتكاب الإبادة الجماعية ضد البوسنيين وكانت هذه المرة الأولى التي يفوز فيها أي محام أو دولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.