محمد ولد اعل ولد آوبك.. عقل التخطيط الحركية في موريتانيا

في صمت الخبراء وثبات الوطنيين، يواصل الإطار محمد ولد اعل ولد آوبك نسج خيوط النهضة الهادئة لقطاع النقل في موريتانيا، راسمًا بذلك خارطة طريق لعصر جديد تتقدمه السلامة، ويقوده التخطيط الذكي، وترسم معالمه الحافلات والممرات المحجوزة وإشارات المرور الرقمية.
منذ 2013، حين تولى إدارة السلامة الطرقية، أرسى محمد ولد آوبك أسس رؤية مغايرة لمسألة كانت حتى وقت قريب من القضايا المهملة. فعمل على بناء وعي مؤسسي حقيقي بضرورة الحد من الحوادث، وتحسين شروط السير، وجعل السلامة الطرقية جزءًا من السياسات العامة بدل أن تبقى مجرد شعارات موسمية.
بين عامي 2017 و2021، انتقل إلى موقع أكثر تأثيرًا حين أصبح المدير العام المساعد للنقل البري، حيث واصل تكريس نهج الإصلاح بالتراكم والمثابرة، مسهمًا في تحديث البنية التنظيمية لقطاع النقل، ومتابعًا لأدق التفاصيل المرتبطة بحركية المواطنين، وحاجات السائقين، ومهام الإدارة العمومية.
ومنذ 2021 وحتى اليوم، يشغل منصب المستشار الفني المكلف بالنقل البري، وهو منصب لا يتوقف عند المشورة الفنية، بل يشمل المتابعة اليومية والإشراف العملي على ملفات هي الأعقد في المشهد الوطني، خاصة مع التوسع السكاني، وارتفاع وتيرة استخدام وسائل النقل، وتعقّد إشكالات البنى التحتية.
غير أن التحول النوعي في مساره جاء مع إطلاق مشروع “حركية نواكشوط أفق 2026”، المشروع الذي يشكل اليوم أحد أكبر وأهم البرامج الطموحة في مجال النقل الحضري بموريتانيا. فمنذ 2023، أوكلت له مهمة منسق المشروع، إلى جانب وظيفته كمستشار فني، فكان على قدر التحدي.
بإشرافه المباشر، بدأت أشغال توسعة المحاور الطرقية الكبرى في نواكشوط، بهدف خلق مسارات محجوزة للحافلات، وتحديث هندسة السير بما يتماشى مع متطلبات العصر. ولم يتوقف الأمر عند التهيئة فقط، بل شمل أيضًا اقتناء 112 حافلة حديثة، من بينها 62 حافلة ذات جودة عالية لصالح شركة النقل العمومي، ما سيُحدث نقلة في أسلوب تنقل آلاف المواطنين يوميًا داخل العاصمة.
كما باشر شخصيًا، بالتعاون مع جهة نواكشوط، في وضع إشارات المرور الذكية، التي ستُحدث ثورة في إدارة الزمن الحضري، وتقلل من الفوضى المرورية، وتضمن سيولة حركة السير على محاور العاصمة.
ما يميز محمد ولد اعل ولد آوبك ليس فقط تعدد المهام التي أنجزها بنجاح، بل أسلوبه الهادئ، وعقليته الفنية، وإيمانه بأن التخطيط الصامت أنفع من الخطابة الجوفاء. لا يسعى خلف الأضواء، ولا يحشد حوله الأتباع، وإنما يُراكم المنجزات ويترك الأثر في مؤسسات الدولة، وميدان العمل الميداني.
هو من أولئك الذين تتحدث عنهم أفعالهم أكثر من كلماتهم، وتشهد لهم السجلات بالتفاني، وتشكرهم الطرق التي تحسنت، والحافلات التي وُضعت في الخدمة، والمواطنون الذين لمسوا فرقًا في يومياتهم.
في زمن أصبح فيه الإنجاز نادرًا، والمهنية مطلوبة بإلحاح، يكون اسم محمد ولد اعل ولد آوبك كأحد الأعمدة الفعلية لبناء قطاع نقل عصري وآمن في موريتانيا. فهل نُكرم الكفاءات كما ينبغي؟ وهل نُعلي صوت العمل في زمن الضجيج؟
إنه وجه موريتانيا التي نريد: موريتانيا التخطيط، والهدوء، والعمل الجاد.